17. كتاب الأمور المنهي عنها

【1】

باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا، أو ليصمت‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وهذا صريح أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم‏.‏ وعن أبي موسى رضي الله عنه قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله أي المسلمين أفضل‏؟‏ قال‏:‏ ‏ "‏من سلم المسلمون من لسانه ويده‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن سهل بن سعد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ "‏من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ “إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏ ‏ومعني‏:‏ ‏ ‏يتبين‏ ‏ يتفكر أنها خير أم لا.‏ وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يُلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يُلقي لها بالا يَهوي بها في جهنم‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي عبد الرحمن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه”‏.‏ رواه مالك في الموطأ والترمذي وقال حديث حسن صحيح‏.‏ وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال‏:‏ ‏ "‏ قل ربي الله ثم استقم‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي‏؟‏ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال‏:‏ “هذا”‏.‏ رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ "‏لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوة للقلب‏!‏ وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي‏"‏‏.‏ رواه الترمذي‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ "‏ومن وقاه الله شر ما بين لحييه، وشر ما بين رجليه دخل الجنة‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي، وقال‏:‏ حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال‏:‏ قلت يا رسول الله ما النجاة‏؟‏ قال‏:‏ ‏ "‏أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي، وقال‏:‏ حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “إذا أصبح ابن آدم، فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان، تقول‏:‏ اتقِ الله فينا، فإنما نحن بك‏:‏ فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا”‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي‏)‏‏)‏‏.‏ ‏ '‏معني “تكفر اللسان” أي تذل وتخضع ل‏ه.‏ وعن معاذ رضي الله عنه قال‏:‏ قلت يا رسول الله‏:‏ أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويباعدني من النار‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه‏:‏ تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ثم قال‏:‏ ألا أدلك على أبواب الخير‏؟‏ الصوم جُنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل” ثم تلا‏:‏ ‏{‏تتجافى جنوبهم عن المضاجع‏}‏ حتى بلغ‏:‏ ‏{‏يعملون‏}‏ ‏(‏‏(‏السجدة‏:‏ 16-17‏)‏‏)‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذِروة سنامه‏"‏ قلت‏"‏ بلى يا رسول الله، قال‏:‏ رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذِروة سنامه الجهاد” ثم قال‏:‏ “ألا أخبرك بملاك ذلك كله‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه قال‏:‏ ‏"‏كف عليك هذا‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به‏؟‏ فقال‏:‏ ثكلتك أمك‏!‏ وهل يُكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم‏؟‏‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن صحيح، وقد سبق شرحه في باب قبل هذا‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “أتدرون ما الغيبة‏؟‏” قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم قال‏:‏ ‏"‏ذكرك أخاك بما يكره‏"‏ قيل‏:‏ أفرأيت إن كان في أخي ما أقول‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته”‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي بكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمنًى في حجة الوداع‏:‏ ‏"‏إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت” ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عائشة رضي الله عنها‏:‏ قالت قلت للنبي صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية كذا وكذا‏.‏ قال بعض الرواة‏:‏ تعني قصيرة، فقال‏:‏ ‏"‏لقد قلت كلمة لو مُزجت بماء البحر لمزجته‏!‏‏"‏ قالت‏:‏ وحكيت له إنسانًا فقال‏:‏ “ما أحب أني حكيت إنسانًا وإن لي كذا وكذا”‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح‏.‏‏)‏‏)‏ ومعني‏:‏ ‏"‏مزجته‏"‏ خالطته مخالطة يتغير بها طعمه، أو ريحه لشدة نتنها وقبحها، وهذا الحديث من أبلغ الزواجر عن الغيبة، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى‏}‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ “لما عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نُحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت‏:‏ من هؤلاء يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم‏!‏”‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود‏.‏‏)‏‏)‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏كل المسلم على المسلم حرام‏:‏ دمه وعرضه وماله‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【2】

باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبة محرمة بردها والإنكار على قائلها فإن عجز أو لم يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه

- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من رد عن عِرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن‏.‏‏)‏‏)‏ وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل المشهور الذي تقدم في باب الرجاء قال‏:‏ قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فقال‏:‏ ‏"‏أين مالك بن الدخشم‏؟‏ فقال رجل‏:‏ ذلك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ “لا تقل ذلك ألا تراه قد قال‏:‏ لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله‏!‏ وإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ "وعِتبانُ"بكسر العين عَلَى المشهور، وحُكِي ضمُّها، وبعدها تاءٌ مثناةٌ مِنْ فوق، ثُمَّ باءٌ موحدةٌ. و"الدُّخْشُمُ"بضم الدال وإسكان الخاءِ وضمِّ الشين المعجمتين وعن كعب بن مالك رضي الله عنه في حديثه الطويل في قصة توبته وقد سبق في بابه التوبة‏.‏ قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في القوم بتبوك‏:‏ ‏"‏ما فعل كعب مالك‏؟‏ فقال رجل من بني سلمة‏:‏ يا رسول الله حبسه برداه، والنظر في عطفيه فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ "عِطْفَاهُ"جانِباهُ، وهو إشارةٌ إلى إعجابِهِ بنفسهِ.

【3】

- باب ما يباح من الغيبة

عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ “ائذنوا له، بئس أخو العشيرة‏؟‏ ‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ احتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب‏.‏ وعنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏ "‏ما أظن فلانًا وفلانًا يعرفان من ديننا شيئًا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث‏:‏ هذان الرجلان كانا من المنافقين‏.‏ وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت‏:‏ إن أبا الجهم ومعاوية خطباني‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏‏"‏أما معاوية، فصعلوك لا مال له ، وأما أبوالجهم، فلا يضع العصا عن عاتقه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ ‏.‏ وفي رواية لمسلم ‏:‏ ‏"‏وأما أبو الجهم فضراب للنساء‏"‏ وهو تفسير لرواية‏:‏ ‏"‏ لا يضع العصا عن عاتقه‏"‏ وقيل‏:‏ معناه‏:‏ كثير الأسفار‏.‏ وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال‏:‏ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر أصاب الناس فيه شدة، فقال عبد الله بن أبي‏:‏ لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال‏:‏ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبي ، فاجتهد يمينه‏:‏ ما فعل، فقالوا‏:‏ كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل الله تعالى تصديقي ‏{‏إذا جاءك المنافقون‏}‏ ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم، ليستغفر لهم فلووا رءوسهم‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ ‏.‏ وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم‏؟‏ قال‏:‏ ‏ "‏خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ ‏.‏

【4】

- باب تحريم النميمة وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد

وعن حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا يدخل الجنة نمام‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال‏:‏ “إنهما يعذابان ، وما يعذبان في كبير‏!‏ بلى إنه كبير‏:‏ أما أحدهما ، فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ‏(‏‏(‏متفق عليه وهذا لفظ إحدى روايات البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ قال العلماء‏:‏ معنى ‏ "‏وما يعذبان في كبير‏"‏ أي كبير في زعمهما وقيل‏:‏ كبير تركه عليهما‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “ ألا أنبئكم ما العِضَه‏؟‏ هي النميمة، القالة بين الناس‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ العضه: بفتح العين المهملة، وإسكان الضاد المعجمة، وبالهاء على وزن الوجه، وروي: العضة بكسر العين وفتح الضاد المعجمة على وزن العدة، وهي: الكذب والبهتان، وعلى الرواية الأولى: العضه مصدر، يقال: عضهه عضها، أي: رماه بالعضه .

【5】

- باب النهي عن نقل الحديث وكلام الناس إلى ولاة الأمور إذا لم تدعُ إليه حاجة كخوف مفسدة ونحوها

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “لا يُبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيءا، فإني أحب أن أخرج إلىكم وأنا سليم الصدر‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبوداود والترمذي‏)‏‏)‏

【6】

- باب ذم ذي الوجهين

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “تجدون الناس معادن‏:‏ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية، وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن محمد بن زيد أن ناسًا قالوا لجده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما‏:‏ إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم‏.‏ قال‏:‏ كنا نعد هذا نفاقًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【7】

- باب تحريم الكذب

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏ إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها‏:‏ إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وقد سبق بيانه مع حديث أبي هريرة بنحوه في باب الوفاء بالعهد‏.‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏ ‏ "‏ من تحلم بحلم لم يره، كُلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون، صب في أذنيه الآنُك يوم القيامة، ومن صور صورة، عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ‏"‏‏.‏رواه البخاري . تحلم أي: قال أنه حلم في نومه ورأى كذا وكذا، وهو كاذب و الآنك بالمد وضم النون وتخفيف الكاف: وهو الرصاص المذاب . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏أفرى الفرى أن يري الرجل عينيه ما لم تريا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏ ‏ ومعناه يقول‏:‏ رأيت فيما لم يره‏‏.‏ وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول لأصحابه‏:‏‏(‏‏(‏هل رأى أحد منكم رؤيا‏؟‏‏)‏‏)‏ فيقص عليه من شاء الله أن يقص، وإنه قال لنا ذات غداة‏:‏‏(‏‏(‏إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما قالا لي‏:‏ انطلق، وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه، فيثلغ رأسه، فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر فليأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى‏!‏‏"‏ قال‏:‏ ‏"‏قلت لهما‏:‏ سبحان الله‏!‏ ما هذان‏؟‏ قالا لي‏:‏ انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى‏"‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ سبحان الله‏؟‏ ما هذان‏؟‏ قال‏:‏ قالا لي‏:‏ انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور‏"‏ فأحسب أنه قال‏:‏ ‏"‏فإذا فيه‏:‏ لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوا‏.‏ قلت‏:‏ ما هؤلاء‏؟‏ قالا لي‏:‏ انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على نهر‏"‏ حسبت أنه كان يقول‏:‏ ‏"‏أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسب ما يسبح، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة، فيفغر له فاه، فيلقمه حجرًا، فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه، كلما رجع إليه، فغر له فاه، فألقمه حجرًا، قلت لهما‏:‏ ما هذان‏؟‏ قالا لي‏:‏ انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على رجل كريه المرآة، أو كأكره ما أنت راء رجلا مرأى فإذا هو عنده نارٌ يحشها ويسعى حولها‏.‏ قلت لهما‏:‏ ما هذا‏؟‏ قال لي‏:‏ انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة فيها من كل نور الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط، قلت‏:‏ ما هذا‏!‏ وما هؤلاء‏؟‏ قالا لي‏:‏ انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا إلى دوحة عظيمة لم أرَ دوحة قط أعظم منها، ولا أحسن‏!‏ قالا لي‏:‏ ارقَ لي‏:‏ ارقَ فيها، فارتقينا فيها إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة، فأتينا باب المدينة فاستفتحنا، ففتح لنا، فدخلناها، فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء‏!‏ وشطر منهم كأقبح ما أنت راء‏!‏ قالا لهم‏:‏ اذهبوا فقعوا في ذلك النهر، وإذا هو نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض، فذهبوا فوقعوا فيه‏.‏ ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم، فصاروا في أحسن صورة‏.‏ قال‏:‏ قالا لي‏:‏ هذه جنة عدن، وهذاك منزلك، فسما بصري صعدًا، فإذا قصر مثل الربابة البيضاء‏.‏ قالا لي‏:‏ هذاك منزلك‏؟‏ قلت لهما‏:‏ بارك الله فيكما، فذراني فأدخله‏.‏ قالا‏:‏ أما الآن فلا، وأنت داخله‏.‏ قلت لهما‏:‏ فإني رأيت منذ الليلة عجبًا‏؟‏ فما هذا الذي رأيت‏؟‏ قالا لي‏:‏ أما إنا سنخبرك‏:‏ أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق‏.‏ وأما الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور، فإنهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر، ويلقم الحجارة، فإنه آكل الربا، وأما الرجل الكرية المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها، فإنه مالك خازن جهنم، وأما الرجل الطويل الذي في الروضة، فإنه إبراهيم، وأما الولدان الذين حوله، فكل مولود مات على الفطرة‏"‏ وفي رواية البرقاني‏:‏ ‏"‏ولد على الفطرة‏"‏ فقال بعض المسلمين‏:‏ يا رسول الله، وأولاد المشركين‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏وأولاد المشركين، وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن، وشطر منهم قبيح، فإنهم قوم خلطوا عملا صالحًا وآخر سيئًا، تجاوز الله عنهم‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية له‏:‏ ‏"‏رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة‏"‏ ثم ذكره وقال‏:‏ ‏"‏فانطلقنا إلى نقب مثل التنور، أعلاه ضيق وأسفله واسع؛ يتوقد تحته نارًا، فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، وإذا خمدت، رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة‏"‏‏.‏ وفيها‏:‏ ‏"‏حتى أتينا على نهر من دم‏"‏ ولم يشك ‏"‏فيه رجل قائم على وسط النهر، وعلى شط النهر رجل، وبين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج، رمى الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج جعل يرمي في فيه بحجر، فيرجع كما كان‏"‏‏.‏ وفيها‏:‏ ‏"‏فصعدا بي الشجرة، فأدخلاني دارًا لم أرَ قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب‏"‏‏.‏ وفيها‏:‏ ‏"‏الذي رأيته يشق شدقه فكذاب، يحدث بالكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة‏"‏ وفيها‏:‏ ‏"‏الذي رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل فيه بالنهار، فيفعل به إلى يوم القيامة، والدار الأولى التي دخلت دار عامة المؤمنين، وأما هذه الدار فدار الشهداء، وأنا جبريل، وهذا ميكائيل، فارفع رأسك، فرفعت رأسي، فإذا فوقي مثل السحاب، قالا‏:‏ ذاك منزلك، قلت‏:‏ دعاني أدخل منزلي، قالا‏:‏ إنه بقي لك عمر لم تستكمله، فلو استكملته، أتيت منزلك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏قوله: «يثلغ رأسه» هو بالثاء المثلثة والغين المعجمة، أي: يشدخه ويشقه. قوله: «يتدهده» أي: يتدحرج. و «الكلوب» بفتح الكاف وضم اللام المشددة، وهو معروف. قوله: «فيشرشر» : أي: يقطع. قوله: «ضوضوا» وهو بضادين معجمتين: أي صاحوا. قوله: «فيفغر» هو بالفاء والغين المعجمة، أي: يفتح. قوله «المرآة» هو بفتح الميم، أي: المنظر. قوله: «يحشها» هو بفتح الياء وضم الحاء المهملة والشين المعجمة، أي: يوقدها. قوله: «روضة معتمة» هو بضم الميم وإسكان العين وفتح التاء وتشديد الميم، أي: وافية النبات طويلته. قوله: «دوحة» وهي بفتح الدال وإسكان الواو وبالحاء المهملة: وهي الشجرة الكبيرة. قوله: «المحض» هو بفتح الميم وإسكان الحاء المهملة وبالضاد المعجمة، وهو: اللبن. قوله «فسما بصري» أي: ارتفع. و «صعدا» بضم الصاد والعي، أي: مرتفعا. و «الربابة» بفتح الراء وبالباء الموحدة مكررة، وهي: السحابة

【8】

باب بيان ما يجوز من الكذب

【9】

- باب الحث على التثبت فيما يقوله ويحكيه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع‏"‏‏.‏ (‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏ وعن سمرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من حدث عني بحديث يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أسماء رضي الله عنها أن امرأة قالت‏:‏ يا رسول الله إن لي ضَّرة فهل علي جناح إن تشبعت من زوجي غير الذي يعطيني‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ المتشبع: هو الذي يظهر الشبع وليس بشبعان، ومعناها هنا أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست حاصلة ولابس ثوبي زور أي: ذي زور وهو الذي يزور على الناس بأن يتزي بزي أهل الزهد أو العلم أو الثروة ليغتر به الناس وليس هو بتلك الصفة وقيل غير ذلك والله أعلم

【10】

- باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور

وعن أبي بكر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ألا أنبئكم بأكبر الكبائر‏؟‏‏"‏ قلنا‏:‏ بلى يا رسول الله‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏الإشراك بالله، وعقوق الوالدين‏"‏ وكان متكئا فجلس، فقال‏:‏ ‏"‏ألا وقول الزور‏!‏‏"‏ فما زال يكررها حتى قلنا‏:‏ ليته سكت‏.‏ متفق عليه‏

【11】

- باب تحريم لعن إنسان بعينه أو دابة

عن أبي زيد ثابت بن الضحاك الأنصاري رضي الله عنه، وهو من أهل بيعة الرضوان قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء، عُذب به يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملكه، ولعن المؤمن كقتله‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا ينبغي لصدِّيق أن يكون لعانًا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن سَمُرَة بن جُندب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تلاعنوا بلعنة الله، ولا بغضبه، ولا بالنار‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذي‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إن العبد إذا لعن شيئًا، صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينًا وشمالا، فإذا لم تجد مساغًا رجعت إلى الذي لُعن، فإن كان أهلا لذلك، وإلا رجعت إلى قائلها‏"‏‏.‏ رواه أبو داود. وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه الله عنهما قال‏:‏ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏ "‏خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة‏"‏ قال عمران‏:‏ فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يَعرض لها أحد‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي برزة نضلة بن عبيد الأسلمي رضي الله عنه قال بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم، إذ بصرت بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتضايق بهم الجبل، فقالت‏:‏ حل، اللهم العنها‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏. ‏قوله: حل بفتح الحاء المهملة، وإسكان اللام وهي كلمة لزجر الإبل واعلم أن هذا الحديث قد يستشكل معناه ولا إشكال فيه بل المراد النهي أن تصاحبهم تلك الناقة وليس فيه نهي عن بيعها وذبحها وركوبها في غير صحبة النبي صلى الله عليه وسلم بل كل ذلك وما سواه من التصرفات جائز لا منع منه إلا من مصاحبته صلى الله عليه وسلم بها لأن هذه التصرفات كلها كانت جائزة فمنع بعض منها فبقي الباقي على ما كان والله أعلم

【12】

باب جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعيَّنين

【13】

- باب تحريم سب المسلم بغير حق

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو الكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏المتسابان ما قالا فعلى البادي منهما حتى يعتدي المظلوم‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب قال‏:‏ ‏"‏اضربوه‏"‏ قال أبو هريرة‏:‏ فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه‏.‏ فلما انصرف، قال بعض القوم‏:‏ أخزاك الله، قال‏:‏ ‏"‏لا تقولوا هذا، لا تُعينوا عليه الشيطان‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【14】

- باب تحريم سب الأموات بغير حق ومصلحة شرعية

وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【15】

- باب النهي عن الإيذاء

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وهو بعض حديث طويل سبق في باب طاعة ولاة الأمور‏.‏

【16】

- باب النهي عن التباغض والتقاطع والتدابر

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا تباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال‏:‏ أنظروا هذين حتى يصطلحا‏!‏ أنظروا هذين حتى يصطلحا‏!‏‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية له ‏"‏تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين‏"‏ وذكر نحوه‏.‏

【17】

- باب تحريم الحسد وهو تمني زوال النعمة عن صاحبها‏:‏ سواء كانت نعمة دين أو دنيا

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، أو قال‏:‏ العشب‏"‏‏.‏ رواه أَبُو دَاوُدَ

【18】

- باب النهي عن التجسس والتسمع لكلام من يكره استماعه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم‏.‏ المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله ولا يحقره‏.‏ التقوى ههنا، ‏"‏ ويشير إلى صدره ‏"‏بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام‏:‏ دمه، وعرضه، وماله، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم‏"‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانًا‏"‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا‏"‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏لا تهاجروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم بكل هذه الروايات، وروى البخاري أكثرها‏)‏‏)‏‏.‏ وعن معاوية رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت تفسدهم‏"‏‏.‏ حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أتي برجل فقيل له، هذا فلان تقطر لحيته خمرًا، فقال‏:‏ إنَّا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شئ، نأخذ به‏"‏‏.‏ حديث حسن صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم‏.‏

【19】

- باب النهي عن سوء الظن بالمسلمين من غير ضرورة

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【20】

- باب تحريم احتقار المسلمين

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏بحسب امرئ من الشر أن يحقر المسلم‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم، وقد سبق قريبًا بطوله‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر‏"‏ فقال رجل‏:‏ إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة، فقال‏:‏ ‏"‏إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بَطَر الحق، وغمط الناس‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ومعنى ‏"‏بَطَر الحق‏"‏‏:‏ دفعه، ‏"‏وغمطهم‏"‏‏:‏ احتقارهم، وقد سبق بيانه أوضح من هذا في باب الكبر‏.‏ وعن جُندب بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏قال رجل‏:‏ والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل‏:‏ من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان‏!‏ فإني قد غفرت له، وأحبطت عملك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【21】

- باب النهي عن إظهار الشماتة بالمسلم

وعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ لا تظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن‏)‏‏)‏ وفي الباب حديث أبي هريرة السابق في باب التجسس‏:‏ ‏"‏ كل المسلم على المسلم حرام‏"‏ الحديث‏.‏

【22】

- باب تحريم الطعن في الأنساب الثابتة في ظاهر الشرع

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏ اثنتان في الناس هما بهم كفر‏:‏ الطعن في النسب، والنياحة على الميت‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【23】

- باب النهي عن الغش والخداع

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ من حمل علينا السلاح، فليس منا، ومن غشنا، فليس منا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال‏:‏ ‏"‏ ما هذا ياصاحب الطعام‏؟‏‏"‏ قال أصابته السماء يارسول الله، قال‏:‏ ‏"‏ أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس‏!‏ من غشنا فليس منا‏"‏‏.‏ وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏ ‏ "‏ لا تناجشوا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النَجَش، ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع في البيوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من بايعت‏؟‏ فقل ‏:‏ لا خلابة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏"‏الخِلابة‏"‏ بخاء معجمة مكسورة، وباء موحدة‏:‏ وهي الخديعة‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏من خبب زوجة امرئ، أو مملوكه، فليس منا‏"‏‏.‏ ‏"‏خَبَب‏"‏ بخاء معجمة، ثم باء موحدة مكررة‏:‏ أي‏:‏ أفسده وخدعه‏.‏

【24】

- باب تحريم الغدر

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏ أربع من كن فيه، كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها‏:‏ إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود، وابن عمر، وأنس رضي الله عنهم قالوا‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏ لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال‏:‏ هذه غدرة فلان‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ‏ "‏ لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة يرفع له بقدر غدره، ألا لا غادر أعظم غدرًا من أمير عامة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏ قال الله تعالى‏:‏ ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ‏:‏ رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا، فاستوفى منه، ولم يعطه أجره‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【25】

- باب النهي عن المن بالعطية ونحوها

وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم‏"‏ قال‏:‏ فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار‏.‏ قال أبو ذر‏:‏ خابوا وخسروا من هم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية له ‏:‏ ‏"‏ المسبل إزاره‏"‏ يعني‏:‏ المسبل إزاره وثوبه أسفل من الكعبين للخُيلاء‏.‏

【26】

- باب النهي عن الافتخار والبغي

وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إن الله تعالى أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏ قال أهل اللغة‏:‏ البغي‏:‏ التعدي والاستطالة‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إذا قال الرجل‏:‏ هلك الناس، فهو أهلكهم‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ‏الرواية المشهورة‏:‏ ‏ ‏أهلكَُهم‏ ‏ برفع الكاف، وروي بنصبها، وهذا هو الحرام، وأما من قاله ذلك عجبًا بنفسه، وتصاغرا للناس، وارتفاعًا عليهم، فهذا هو الحرام، وأما من قاله لما يرى في الناس من نقص في أمر دينهم، وقاله تحزنًا عليهم، وعلى الدين فلا بأس به‏.‏ هكذا فسره العلماء وفصلوه، ومن قاله من الأئمة الأعلام‏:‏ مالك بن أنس، والخطابي، والحميدي وآخرون، وقد أوضحته في كتاب ‏ ‏الأذكار‏ ‏‏.

【27】

- باب تحريم الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام إلا لبدعة في المهجور أو تظاهر بفسق أو نحو ذلك

وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تقاطعوا ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال‏:‏ يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏تعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلا امرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول‏:‏ اتركوا هذين حتى يصطلحا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في والتحريش بينهم ‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ التحريش‏:‏ الإفساد وتغيير قلوبهم وتقاطعهم‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث، فمات دخل النار‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي خراش حدرد بن أبي حدرد الأسلمي، ويقال السلمي الصحابي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يحل لمؤمن أن يهجر مؤمنًا فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث، فليلقه، وليسلم عليه، فإن رد عليه السلام، فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه، فقد باء بالإثم، وخرج المسلم من الهجرة‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد حسن قال أبو داود‏:‏ إذا كانت الهجرة لله تعالى، فليس من هذا في شيء‏)‏‏)‏‏.‏

【28】

- باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إلا لحاجة وهو أن يتحدثا سرًا بحيث لا يسمعهما وفي معناه إذا تحدثا بلسان لا يفهمه

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏‏(‏ورواه أبو دواد وزاد‏:‏ قال أبو صالح‏:‏ قلت لابن عمر‏:‏ فأربعة‏؟‏ قال‏:‏ لا يضرك‏.‏ ورواه مالك في الموطأ‏:‏ عن عبد الله بن دينار قال‏:‏ كنت أنا وابن عمر عند دار خالد بن عقبة التي في السوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه، وليس مع ابن عمر أحد غيري، فدعا ابن عمر رجلا آخر حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الثالث الذي دعا‏:‏ استأخرا شيئًا، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا يتناجى اثنان دون واحد‏"‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، من أجل أن ذلك يحزنه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【29】

- باب النهي عن تعذيب العبد والدابة والمرأة والولد بغير سبب شرعي أو زائد على قدر الأدب

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏عذبت امرأة في هِرة حبستها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ((خشاش الأرض)) يفتح الخاء المعجمة وبالشين المعجمة المكررة، وهي: هوامها وحشراتها. وعنه أنه مر بفتيان من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من نبلهم، فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر‏:‏ من فعل هذا‏؟‏ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئًا فيه روح غرضًا‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏ "‏الغَرَض‏"‏ ‏:‏ بفتح الغين المعجمة والراء، وهو الهدف، والشيء الذي يرمى إليه‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُصبر البهائم‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ومعناه‏:‏ تحبس للقتل‏.‏ وعن أبي علي سويد بن مقرن رضي الله عنه قال‏:‏ لقد رأيتني سابع سبعة من بني مقرن ما لنا خادم إلا واحدة لطمها أصغرنا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتقها‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ورواية‏:‏ ‏ "‏سابع إخوة لي‏"‏‏.‏ وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏كنتُ أضرب غلامًا لي بالوسط، فسمعت صوتًا من خلفي‏:‏ ‏"‏اعلم أبا مسعود‏"‏ فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول‏:‏ ‏"‏اعلم أبا مسعود أن الله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام‏"‏ فقلت‏:‏ لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا‏.‏ ‏(‏‏(‏وفي رواية‏:‏ فسقط السوط من يدي من هيبته‏)‏‏)‏ ‏(‏‏(‏وفي رواية‏:‏ فقلت‏:‏ يارسول الله هو حر لوجه الله تعالى، فقال‏:‏ ‏"‏أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم بهذه الروايات‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من ضرب غلامًا له حدًا لم يأتهِ، أو لطمه، فإن كفارته أن يعتقه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن هشام بن حكيم بن حزام رضي الله عنه أنه مر بالشام على أناس من الأنباط، وقد أقيموا في الشمس، وصُب على رءوسهم الزيت فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ يُعذبون في الخراج وفي رواية‏:‏ حُبسوا في الجزية‏.‏ فقال هشام‏:‏ أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا‏"‏ فدخل على الأمير، فحدثه، فأمر بهم فخلوا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏.‏ ‏"‏الأنباط‏"‏ الفلاحون من العجم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا موسوم الوجه، فأنكر ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ والله لا أسمه إلا أقصى شيء من الوجه، وأمر بحماره، فكوي في جاعرتيه، فهو أول من كوى الجاعرتين‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏((الجاعرتان)): ناحية الوركين حول الدبر. وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ مر عليه حمار قد وُسم في وجهه، فقال‏:‏ ‏ "‏لعن الله الذي وسمه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏.‏ وفي رواية لمسلم أيضًا‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه‏)‏‏)‏‏.‏

【30】

- باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى القملة ونحوها

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال‏:‏ ‏"‏إن وجدتم فلانًا وفلانًا‏"‏ لرجلين من قريش سماهما ‏"‏فأحرقوهما بالنار‏"‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج‏:‏ ‏"‏إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏من فجع هذه بولدها‏؟‏ ردوا ولدها إليها‏"‏ ورأى قرية نمل قد حرقناها، فقال‏:‏ ‏"‏من حرق هذه‏؟‏‏"‏ قلنا‏:‏ نحن‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏إنه لا ينبغي أن يعذِّب بالنار إلا رب النار‏"‏‏.‏ قوله‏:‏ ‏ ‏قرية نمل‏ ‏ معناه‏:‏ موضع النمل مع النمل.‏

【31】

- باب تحريم مطل الغني بحق طلبه صاحبه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏مطل الغني ظلم وإذا أُتبع أحدكم على مليء فليتبع‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏.‏ معنى ‏"‏أتبع‏"‏‏:‏ أحيل‏)‏‏)‏‏.‏

【32】

- باب كراهية عودة الإنسان في هبة لم يسلمها إلى الموهوب له وفي هبة وهبها لولده وسلمها أو لم يسلمها إلى الموهوب له وفي هبة وهبها لولده وسلمها أو لم يسلمها وكراهة شرائه شيئًا تصدق به من الذي تصدق عليه أو أخرجه عن زكاة أو كفارة ونحوها ولا بأس بشرائه من شخص آخر قد انتقل إليه

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏‏(‏وفي رواية‏:‏ ‏"‏مثل الذي يرجع في صدقته، كمثل الكلب يقيء، ثم يعود في قيئه فيأكله‏"‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏العائد في هبته كالعائد في قيئه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏ حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏لا تشتره ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ قوله‏:‏ ‏"‏حملت على فرس في سبيل الله‏"‏ معناه‏:‏ تصدقت به على بعض المجاهدين‏.‏

【33】

- باب تأكيد تحريم مال اليتيم

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏اجتنبوا السبع الموبقات‏"‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله وما هن‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الشرك بالله، والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏.‏ ‏"‏الموبقات‏"‏ المهلكات‏)‏‏)‏‏.‏

【34】

- باب تغليظ تحريم الربا

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ ‏ "‏ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ‏زاد الترمذي وغيره‏:‏ ‏ ‏ وشاهديه، وكاتبه

【35】

- باب تحريم الرياء

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏ قال الله تعالى‏:‏ أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏ إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل اسُتشهد، فأتي به، فعرفه نعمته، فعرفها، قال‏:‏ فما عملت فيها‏؟‏ قال‏:‏ قاتلت فيك حتى اسُتشهدت، قال‏:‏ كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال‏:‏ جريء، فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار‏.‏ ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها‏.‏ قال فما عملت فيها‏؟‏ قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن‏.‏ قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال‏:‏ عالم‏.‏ وقرأت القرآن ليقال‏:‏ هو قارئ، فقد قيل‏:‏ ثم أُمر به، فسُحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها‏.‏ قال‏:‏ فما عملت فيها ‏؟‏ قال‏:‏ ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال‏:‏ كذبت، ولكنك فعلت ليقال‏:‏ جواد، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه ثم ألقي في النار‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ‏جَريء‏ ‏ بفتح الجيم وكسر الراء وبالمد، أي‏:‏ شجاع حاذق وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن ناسًا قالوا له‏:‏ إنا ندخل على سلاطيننا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم‏؟‏ قال ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ كنا نعد هذا نفاقًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن جُندب بن عبد الله بن سفيان رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي الله يرائي به‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم أيضًا من رواية ابن عباس رضي الله عنه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏"‏سمَّع‏"‏ بتشديد الميم، ومعناه‏:‏ أظهر عمله للناس رياء ‏"‏ سمَّع الله به‏"‏ أي فضحه يوم القيامة، ومعنى‏:‏ ‏"‏ من راءى‏"‏ أي‏:‏ من أظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم ‏"‏راءى الله به‏"‏ أي‏:‏ أظهر سريرته على رءوس الخلائق‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ "‏ من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا، لم يجد عَرف الجنة يوم القيامة‏"‏ يعني ريحها‏.‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح‏ والأحاديث في الباب كثير مشهورة.‏

【36】

- باب ما يُتوهم أنه رياء وليس هو رياء

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال‏:‏ قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه‏؟‏ قال‏:‏ ‏ "‏ تلك عاجل بشرى المؤمن‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【37】

- باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية والأمرد الحسن لغير حاجة شرعية

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏كُتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة‏:‏ العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏.‏ وهذا لفظ مسلم، ورواية البخاري مختصرة‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إياكم والجلوس في الطرقات‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُد نتحدث فيها‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏فإذا أبيتم إلا المجلس، فأعطوا الطريق حقه‏"‏ قالوا‏:‏ وما حق الطريق يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر المعروف والنهي عن المنكر‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي طلحة زيد بن سهل رضي الله عنه قال‏:‏ كنا قعودًا بالأفنية نتحدث فيها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالم علينا فقال‏:‏ ‏"‏ما لكم ولمجالس الصعدات‏؟‏ فقلنا‏:‏ إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر، ونتحدث‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏إما لا فأدوا حقها‏:‏ غض البصر، ورد السلام، وحسن الكلام‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ‏"‏الصُّعُدات‏"‏ بضم الصاد والعين، أي‏:‏ الطرقات‏.‏ وعن جرير رضي الله عنه قال‏:‏ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال‏:‏ ‏ "‏اصرف بصرك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت‏:‏ كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أُمرنا بالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏احتجبا منه‏"‏ فقلنا‏:‏ يا رسول الله إلىس هو أعمى لا يبصرنا، ولا يعرفنا‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه‏؟‏‏!‏‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي‏:‏ وقال حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【38】

- باب تحريم الخلوة بالأجنبية

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إياكم والدخول على النساء‏"‏، فقال رجل من الأنصار‏:‏ أفرأيت الحمو‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الحمو الموت‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏ ‏الحمو‏ ‏ قريب الزوج كأخيه، وابن أخيه، وابن عمه‏.‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن بريدة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏حرمة نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم، ما من رجل من القاعدين يخلف رجلا من المجاهدين في أهله، فيخونه فيهم إلا وقف له يوم القيامة، فيأخذ من حسناته ما شاء حتى يرضى‏"‏ ثم التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ ‏"‏ما ظنكم‏؟‏‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【39】

- باب تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في لباس وحركة وغير ذلك

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء‏.‏ وفي رواية‏:‏ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏صِنفان من أهل النار لم أرهما‏:‏ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ معنى ((كاسيات)) اي من نعمة الله ((عاريات)) من شكرها ، وقيل معناه: تستر بعض بدنها ، وتكشف بعضه إظهارا بحالها ونحوه ، وقيل : معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها . وأما ( مائلات ) فقيل : معناه عن طاعة الله ، وما يلزمهن حفظه . ( مميلات ) أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم ، وقيل : مائلات يمشين متبخترات ، مميلات لأكتافهن . وقيل : مائلات يمشطن المشطة المائلة ، وهي مشطة البغايا . مميلات يمشطن غيرهن تلك المشطة . ومعنى ( رءوسهن كأسنمة البخت ) أن يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوهما .

【40】

- باب النهي عن التشبه بالشيطان والكفار

عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تأكلوا بالشمال، فإن الشيطان يأكل ويشرب بشماله‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال‏:‏ ‏ "‏لا يأكلن أحدكم بشماله، ولا يشربن بها‏.‏ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ ‏.‏ المُرَادُ: خِضَابُ شَعْرِ اللِّحْيةِ والرَّأسِ الأبْيضِ بِصُفْرةٍ أوْ حُمْرةٍ، وأمَّا السَّوادُ، فَمنْهيُّ عَنْهُ كَما سَنَذْكُرُ في الْباب بعْدَهُ، إنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.

【41】

- باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بسواد

عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏غيروا هذا واجتنبوا السواد‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【42】

- باب النهي عن القزع وهو حلق بعض الرأس دون بعض وإباحة حلقه كله للرجل دون المرأة

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيًا قد حلق بعض شعر رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال‏:‏ ‏ "‏احلقوه كله، أو اتركوه كله‏"‏‏.‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم‏.‏ وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر رضي الله عنه ثلاثًا، ثم أتاهم فقال‏:‏ ‏"‏لا تبكوا على أخي بعد اليوم‏"‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏ادعوا لي بني أخي‏"‏ فجيء بنا كأننا أفرخ فقال‏:‏ ‏"‏ادعوا لي الحلاق‏"‏ فأمره، فحلق رءوسنا‏"‏‏.‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم‏.‏ وعن علي قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه النسائي‏)‏‏)‏‏.‏

【43】

- باب تحريم وصل الشعر والوشم والوشر وهو تحديد الإسنان

وعَنْ أسْمَاءَ رَضِيَ اللَّه عنْهَا: أنَّ امْرأَةً سألتِ النبيَّ ﷺ فَقَالتْ: يا رَسُولَ اللَّه، إنَّ ابْنَتِي أصَابَتْهَا الْحَصْبةُ، فتَمَرَّقَ شَعْرُهَا، وإنِّي زَوَّجْتُها، أفَأَصِلُ فِيهِ؟ فقالَ: لَعَنَ اللَّه الْواصِلةَ والْمَوصولة متفقٌ عليه. وفي روايةٍ: الواصِلَةَ والمُسْتوصِلَةَ. قَوْلَهَا:"فَتَمرَّقَ"هو بالرَّاءِ، ومعناهُ: انْتثر وَسَقَطَ،"والْوَاصِلة": التي تَصِلُ شَعْرهَا، أو شَعْر غَيْرِهَا بشَعْرٍ آخَرَ."والمَوْصُولة": التي يُوصَلُ شَعْرُهَا. "والمُستَوصِلَةُ": التي تَسْأَلُ منْ يَفْعَلُ ذلكَ لَهَا. وعَنْ عائشة رضي اللَّه عنْهَا نَحْوُهُ، متفقٌ عليه. وَعَنْ حميْدِ بن عبْدِ الرَّحْمن أنَّهُ سَمِعَ مُعاويَةَ رضي اللَّه عنْهُ عامَ حجَّ علَى المِنْبَر وَتَنَاول قُصَّةً مِنْ شَعْرٍ كَانَتْ في يَدِ حَرِسيٍّ فَقَالَ: يَا أهْل المَدِينَةِ أيْنَ عُلَمَاؤكُمْ؟، سمِعْتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَنْهَى عنْ مِثْلِ هَذِهِ ويقُولُ: "إنًَّمَا هَلَكَتْ بنُو إسْرَائِيل حِينَ اتخذ هذه نِسَاؤُهُمْ" متفقٌ عليه. وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات بالحسن، المغيرات خلق الله‏!‏ فقالت له امرأة في ذلك فقال‏:‏ وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله‏؟‏‏!‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا‏}‏ ‏(‏‏(‏الحشر‏:‏7‏)‏‏)‏‏.‏‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ المتفلجة هي: التي تبرد من أسنانها ليتباعد بعضها من بعض قليلا، وتحسنها وهو الوشر. والنامصة: [هي] التي تأخذ من شعر حاجب غيرها، وترققه ليصير حسنا. والمتنمصة: التي تأمر من يفعل بها ذلك.

【44】

- باب النهي عن نتف الشيب من اللحية والرأس وغيرهما وعن نتف الأمرد شعر لحيته عند أول طلوعه

- عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا تنتفوا الشيب؛ فإنه نور المسلم يوم القيامة‏"‏‏.‏ حديث حسن‏.‏ وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【45】

- باب كراهة الاستنجاء باليمين ومس الفرج باليمين من غير عذر

عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إذا بال أحدكم، فلا يؤخذن ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه، ولا يتنفس في الإناء‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة‏.‏

【46】

- باب كراهة المشي في نعل واحدة أو خف واحد لغير عذر وكراهة لبس النعل والخف قائمًا لغير عذر

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يمشي أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعًا او ليخلعهما جميعًا‏"‏‏.‏ وفي رواية ‏"‏ أو ليحفهما جميعًا ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏إذا انقطع شسع نعل أحدكم، فلا يمشِ في الأخرى حتى يصلحها‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينتعل الرجل قائمًا‏"‏‏.‏ ((رواه أبو داود بإسناد حسن ))

【47】

- باب النهي عن ترك النار في البيت عند النوم ونحوه سواء كانت في سراج أو غيره

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأنهم قال‏:‏ ‏ "‏إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏غطوا الإناء، وأوكئوا السقاء، وأغلقوا الأبواب، وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولايفتح بابًا ولايكشف إناءً، إن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا، ويذكر اسم الله، فليفعل، فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏ ‏"‏الفويسقة‏:‏ الفأرة، و‏"‏تضرم‏"‏‏:‏ تحرق‏.‏

【48】

- باب النهي عن التكلف وهو فعل وقول ما لا مصلحة فيه بمشقة

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ‏:‏‏ "‏نهينا عن التكلف‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن مسروق قال ‏:‏ دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال ‏:‏ يا أيها الناس من علم شيئا فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل ‏:‏الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم‏:‏ الله أعلم ‏.‏ قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏{‏قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين‏}‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【49】

- باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخد وشق الجيب ونتف الشعر وحلقه، والدعاء بالويل والثبور

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏"‏الميت يُعذب في قبره بما نِيح عليه ‏"‏‏. وَفِي روايةٍ:"مَا نِيحَ علَيْهِ"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏ "‏ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهليه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي بردة قال‏:‏ وجع أبو موسى، فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فأقبلت تصيح برنة فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق ،قال ‏:‏ أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة‏.‏‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ ‏ "‏الصالقة‏"‏‏:‏ التي ترفع صوتها بالنياحة والندب‏.‏ ‏ والحالقة‏ ‏‏:‏ التي تحلق رأسها عند المصيبة‏ ‏ الشاقة ‏ ‏‏:‏التي تشق ثوبها‏‏.‏ وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال ‏:‏سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏ "‏من نِيح عليه، فإنه يُعذب بما نِيح عليه يوم القيامة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أم عطية نَُسيبة -بضم النون وفتحها- رضي الله عنها قالت ‏:‏ أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة أن لا ننوح‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال‏:‏ أغمي على عبد الله بن رواحة رضي الله عنه فجعلت أخته تبكي، وتقول‏:‏ واجبلاه، وا كذا وا كذا‏:‏ تعدد عليه فقال حين أفاق‏:‏ ما قلت شيئًا ألا قيل لي ‏:‏أنت كذلك‏؟‏‏!‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ اشتكى سعد بن عبادة رضي الله عنه شكوى فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، فلما دخل عليه، وجده في غشية فقال‏:‏ ‏"‏أقضي‏؟‏‏"‏ قالوا‏:‏ لا يا رسول الله فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاء النبي صلى الله عليه وسلم بكوا، قال‏:‏ ‏"‏ألا تسمعون‏؟‏ إن الله لا يُعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا‏"‏ وأشار إلى لسانه ‏"‏أو يرحم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أسيد بن أبي أسيد التابعي عن امرأة من المبايعات قالت‏:‏ كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه‏:‏ أن لا نخمش وجهًا، ولا ندعو ويلا، ولا نشق جيبًا، وأن لا ننشر شعرًا‏"‏‏. ((رواه أبو داود بإسناد حسن ))‏ وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏ما من ميت يموت، فيقوم باكيهم، فيقول‏:‏ واجبلاه، وأسيداه، أو نحو ذلك إلا وكل به ملكان يلهزانه‏:‏ أهكذا كنت‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏ رواه الترمذي وقال حديث حسن‏.‏ «اللَّهْزُ»: الدَّفْعُ بِجُمْعِ اليَدِ فِي الصَّدْرِ. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏اثنان في الناس هما بهم كفر‏:‏ الطعن في النسب، والنياحة على الميت‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【50】

- باب النهي عن إتيان الكهان والمنجمين والعراف وأصحاب الرمل والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك

عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناس عن الكهان، فقال‏:‏ ‏"‏ليسوا بشيء‏"‏ فقالوا‏:‏ يا رسول الله إنهم يحدثونا أحيانًا بشيء، فيكون حقًا‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني‏.‏ فيقرها في أذن وليه، فيخلطون معها مائة كذبة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن الملائكة تنزل في العَنان -وهو السحاب-‏.‏ فتذكر الأمر قضي في السماء، فيسترق الشيطان السمع، فيسمعه، فيوحيه إلى الكهان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم‏"‏‏ قَولُهُ: «فَيَقُرُّهَا» هو بفتح الياء وضم القاف والراء، أي: يُلْقِيها، «والعَنانِ» بفتح العين. وعن قبيصة بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من أتي عرافًا فسأله عن شيء، فصدقه، لم تقبل له صلاة أربعين يومًا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن قبيصة بن المخارق رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏العِيافة، والطِّيَرة، والطرق، من الجبت‏"‏‏.‏ ((رواه أبو داود بإسناد حسن)). وقال: «الطَّرْقُ» هُوَ الزَّجْرُ: أيْ زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أنْ يَتَيَمَّنَ أو يَتَشَاءمَ بِطَيَرَانِهِ، فإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَمِين، تَيَمَّنَ، وإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَسَارِ، تَشَاءمَ. قال أبو داود: «والعِيَافَةُ»: الخَطُّ. قالَ الجَوْهَريُّ في الصِّحَاحِ: الجِبْتُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الصَّنَمِ وَالكاهِنِ والسَّاحِرِ وَنَحْوِ ذلِكَ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من اقتبس علمًا من النجوم، اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏ وعن معاوية بن الحكم رضي الله عنه قال‏:‏ قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله تعالى بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏فلا تأتهم‏"‏ قلت‏:‏ ومنا رجال يتطيرون‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ذلك شيء يجدونه في صدورهم، فلا يصدهم‏"‏ قلت‏:‏ ومنا رجال يخطون‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه، فذاك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ "‏نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي وحُلوان الكاهن‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【51】

- باب النهي عن التطير

عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏لا عدوى ولا طِيَرة ويعجبني الفأل‏"‏ قالوا‏:‏ وما الفأل‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏كلمة طيبة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا عدوى ولا طِيَرة، وإن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة، والفرس‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏ وعن عروة بن عامر رضي الله عنه قال‏:‏ ذكرت الطِيَرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏ "‏أحسنها الفأل، ولا ترد مسلمًا فإذا رأى أحدكم ما يكره، فليقل‏:‏ اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏

【52】

- باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو مخدة أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصور في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة

عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم‏:‏ أحيوا ما خلقتم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلون وجهه، وقال‏:‏ ‏ "‏يا عائشة، أشد الناس عذابًا عن الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله‏"‏ قالت‏:‏ فقطعناه، فجعلنا منه وسادة أو وسادتين‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ «القِرامُ» بكسرِ القاف هو: السِّتْرُ. «وَالسَّهْوَةُ» بفتح السينِ المهملة وهي: الصُّفَّةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البَيْتِ، وقيلَ: هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ في الحائِطِ. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس فيعذبه في جهنم‏"‏ قال ابن عباس‏:‏ فإن كنت لابد فاعلا، فاصنع الشجر وما لا ورح فيه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏من صور في الدنيا، كُلف أن يَنفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي‏!‏ فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي طلحة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل أن يأتيه فراث عليه حتى اشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فلقيه جبريل فشكا إليه، فقال‏:‏ إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏ ‏(‏‏(‏‏ "‏راث‏"‏‏:‏ أبطأ، وهو بالثاء المثلثة‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في ساعة أن يأتيه، فجاءت تلك الساعة ولم يأته‏!‏ قالت‏:‏ وكان بيده عصًا، فطرحها من يده وهو يقول‏:‏ ‏"‏ما يخلف الله وعده ولا رسله‏"‏ ثم التفت، فإذا جرو كلب تحت سريره‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏متى دخل هذا الكلب‏؟‏‏"‏ فقلت‏:‏ والله ما دريت به، فأمر به فأخرج، فجاءه جبريل عليه السلام‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏وعدتني، فجلست لك ولم تأتني‏"‏ فقال‏:‏ منعني الكلب الذي كان في بيتك، إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي الهياج حيان بن حصين قال‏:‏ قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ أن لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【53】

- باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏ ‏قيراط‏‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏من أمسك كلبًا فإنه ينقص كل يوم من عمله قيراط إلا كلب حرث أو ماشية‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد، ولا ماشية ولا أرض، فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم‏"‏‏.‏

【54】

- باب كراهة تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تصحب الملائكة رفقة كلب أو جرس‏"‏‏.‏ ((رواه مسلم)) وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏الجرس مزامير الشيطان‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏

【55】

- باب كراهة ركوب الجلالة وهي البعير أو الناقة التي تأكل العذرة فإن أكلت علفًا طاهرًا فطاب لحمها زالت الكراهة

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها‏.‏ ((رواه أبو داود بإسناد صحيح ))

【56】

- باب النهي عن البصاق في المسجد والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه، والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ والمرادُ بِدَفْنِهَا إذَا كَانَ المَسْجِدُ تُرَابًا أوْ رَمْلًا ونَحْوَهُ فَيُوَارِيهَا تَحْتَ تُرَابِهِ. قالَ أبُو المحاسِنِ الرُّويَانِي مِنْ أصحابِنا في كِتَابِهِ (البحر) وقِيلَ: المُرَادُ بِدَفْنِهَا إخْراجُهَا مِنَ المَسْجِدِ، أمَّا إِذَا كَانَ المَسْجِدُ مُبَلَّطًا أَوْ مُجَصَّصًا، فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِمَدَاسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ، بَلْ زِيَادَةٌ فِي الخَطِيئَةِ وَتَكْثِيرٌ لِلقَذَرِ في المَسْجِدِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَغْسِلَهُ. وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في جدار القبلة مخاطا أو بزاقا أو نخامة فحكه ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله تعالى، وقراءة القرآن‏"‏ أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【57】

- باب كراهة الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه ونشد الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل‏:‏ لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبنَ لهذا‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا‏:‏ لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة فقولوا‏:‏ لا ردها الله عليك‏"‏‏.‏ رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ). وعن بريدة رضي الله عنه أن رجلا نشد في المسجد فقال‏:‏ من دعا إلى الجمل الأحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا وجدت، إنما بنيت المساجد لم بنيت له‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه ضالة، أو ينشد فيه شعر‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود، والترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏ وعن السائب بن زيد الصحابي رضي الله عنه قال‏:‏ كنت في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال‏:‏ اذهب فائتني بهذين، فجئته بهما، فقال‏:‏ من أين أنتما‏؟‏ فقالا‏:‏ من أهل الطائف، فقال‏:‏ لو كنتما من أهل البلد، لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏!‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【58】

- باب النهي من أكل ثومًا أو بصلا أو كراثًا أو غيره مما له رائحة كريهة عن دخول المسجد قبل زوال رائحته إلا لضرورة

عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏مساجدنا‏"‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من أكل من هذه الشجرة، فلا يقربنا، ولا يصلين معنا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏من أكل ثومًا أو بصلا فليعتزلنا، أو فليعتزل مسجدنا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏من أكل البصل، والثوم، الكراث، فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم‏"‏‏.‏ وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب يوم الجمعة فقال في خطبته‏:‏ ثم إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين‏:‏ البصل، والثوم -لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به، فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما، فليمتهما طبخًا‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【59】

- باب كراهة الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب لأنه يجلب النوم فيفوت استماع الخطبة ويخاف انتقاض الوضوء

عن معاذ بن أنس الجهني، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب ‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي وقالا‏:‏ حديث حسن‏)‏‏)‏

【60】

- باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره حتى يضحي

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【61】

- باب النهي عن الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والآباء والحياة والروح والرأس ونعمة السلطان وتربة فلان والأمانة، وهي من أشدها نهيًا

عن ابن عمر، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال‏:‏ ‏"‏إن الله تعالى ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا، فليحلف بالله، أو ليصمت‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية في الصحيح ‏"‏فمن كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله أو ليسكت‏"‏‏.‏ وعن عبد الرحمن بن سَمُرَة، رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏لا تحلفوا بالطواغي، ولا بآبائكم‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ ‏"‏الطواغي‏"‏‏:‏ جمع طاغية، وهي الأصنام، ومنه الحديث‏:‏ ‏"‏هذه طاغية دوس‏"‏‏:‏ أي‏:‏ صنمهم ومعبودهم، وروي في غير مسلم‏:‏ ‏"‏بالطواغيت‏"‏ جمع طاغوت، وهو الشيطان والصنم‏.‏ وعن بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من حلف بالأمانة، فليس منا‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏ وعنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من حلف فقال‏:‏ إني بريء من الإسلام، فإن كان كاذبًا، فهو كما قال، وإن كان صادقًا، فلن يرجع إلى الإسلام سالمًا‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود‏)‏‏)‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلا يقول‏:‏ لا والكعبة، قال ابن عمر‏:‏ لا تحلف بغير الله، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من حلف بغير الله، فقد كفر أو أشرك‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏ رواه الترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏ وفسر بعض العلماء قوله‏:‏ ‏"‏كفر أو أشرك‏"‏ على التغليظ، كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الرياء شرك‏"‏‏.‏

【62】

- باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدًا

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من خلف على مال امرئ مسلم بغير حقه، لقي الله وهو عليه غضبان‏"‏ قال‏:‏ ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل‏:‏ ‏{‏إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنًا قليلا‏}‏ ‏(‏‏(‏آل عمران‏:‏ 77‏)‏‏)‏ إلى آخر الآية‏:‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي أُمامة إياس بن ثعلبة الحارثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار‏.‏ -وحرم عليه الجنة‏"‏ فقال له رجل‏:‏ وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏وإن كان قضيبًا من أراك‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏الكبائر‏:‏ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ أن أعرابيًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله ما الكبائر‏؟‏ قال‏:‏ ‏ ‏الإشراك بالله‏ ‏ قال‏:‏ ثم ماذا‏؟‏ قال‏:‏ ‏ ‏اليمين الغموس‏ ‏ قلت‏:‏ وما اليمين الغموس‏؟‏ قال‏:‏ ‏ ‏الذي يقتطع مال امرئ مسلم‏ ‏ يعني بيمين هو فيها كاذب

【63】

- باب ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها أن يفعل ذلك المحلوف عليه ثم يكفر عن يمينه

عن عبد الرحمن بن سَمُرَة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها، فائت الذي هو خير، وكفر عن يمينك‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذي هو خير‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين، ثم أرى خيرًا منها إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏لأن يلج أحدكم في يمينه في أهله آثم له عند الله تعالى من أن يعطي كفارته التي فرض الله عليه‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏ قوله‏:‏ ‏"‏يلَجّ‏"‏ بفتح اللام، وتشديد الجيم‏:‏ أي يتمادى فيها، ولا يكفر، قوله‏:‏ ‏"‏آثم‏"‏ هو بالثاء المثلثة، أي‏:‏ أكثر إثمًا‏.‏

【64】

باب العفو عن لغو اليمين وأنَّه لا كفَّارة فِيهِ وَهُوَ مَا يجري عَلَى اللسان بغير قصد اليمين كقوله عَلَى العادة: لا والله، وبلى والله، ونحو ذَلِكَ

وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ أنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم‏}‏ في قول الرجل‏:‏ لا والله، وبلى والله‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【65】

- باب كراهة الحلف في البيع وإن كان صادقًا

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏إياكم وكثرة الحلف في البيع، فإنه ينفق ثم يمحق‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【66】

- باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله عز وجل غير الجنة وكراهة منع من سأل بالله تعالى وتشفع به

عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا يسأل بوجه الله إلا الجنة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله، فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بأسانيد الصحيحين‏)‏‏)‏

【67】

- باب تحريم قول شاهنشاه للسلطان وغيره لأن معناه ملك الملوك، ولا يوصف بذلك غير الله سبحانه وتعالى

وعن أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن أخنع اسم عند الله عز وجل رجل تسمى ملك الأملاك‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ قال سُفيانُ بن عُيَيْنَةَ: «مَلِكُ الأَمْلاَكِ» مِثْلُ: شَاهِن شَاهِ.

【68】

- باب النهي عن مخاطبة الفاسق والمبتدع ونحوهما بسيد ونحوه

عن بريدة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يكن سيدًا، فقد أسخطتم ربكم عز وجل‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏

【69】

- باب كراهة سب الحمى

عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب، أو أم المسيب فقال‏:‏ ‏"‏مالك يا أم السائب -أو يا أم المسيب- تزفزفين‏؟‏ ‏"‏ قالت‏:‏ الحمى لا بارك الله فيها، فقال‏:‏ ‏"‏لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ «تُزَفْزِفِينَ» أيْ تَتَحَرَّكِينَ حَرَكَةً سَريعَةً، وَمَعْنَاهُ: تَرْتَعِدِين. وَهُوَ بِضَمِّ التاء وبالزاي المكررة والفاء المكررة، وَرُوِيَ أيضًا بالراء المكررة والقافينِ.

【70】

- باب النهي عن سب الريح وبيان ما يقال عند هبوبها

عن أبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون، فقولوا‏:‏ اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أُمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أُمرت به‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏الريح من روح الله، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها، وسلوا الله خيرها، واستعيذوا بالله من شرها‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه أبو داود بإسناد حسن‏)‏‏) قوله صلى الله عليه وسلم من روح الله هو بفتح الراء أي رحمته بعباده‏ وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال‏:‏ اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أُرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أُرسلت به‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【71】

- باب كراهة سب الديك

عن زيد بن خادل الجهني رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح‏)‏‏)‏

【72】

- باب النهي عن قول الإنسان‏:‏ مطرنا بنوء كذا

عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال‏:‏ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس، فقال‏:‏ ‏"‏هل تدرون ماذا قال ربكم‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏ قال‏:‏ قال‏:‏ ‏"‏أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي ، فأما من قال‏:‏ مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال‏:‏ مُطِرْنَا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ والسماء هنا‏:‏ المطر‏‏‏.‏

【73】

- باب تحريم قوله لمسلم‏:‏ يا كافر

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إذا قال رجل لأخيه‏:‏ يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏من دعا رجلا بالكفر، أو قال‏:‏ عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ حار‏ ‏ رجع‏‏.‏

【74】

- باب النهي عن الفحش وبذاء اللسان

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذي‏"‏‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏ما كان الفحش في شيء إلا شانه، وما كان الحياء في شيء إلا زانه‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏

【75】

باب كراهة التقعير في الكلام والتشدق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم

عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏هلك المتنطعون‏"‏، قالها ثلاثًا‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏.‏‏"‏المتنطعون‏"‏‏:‏ المبالغون في الأمور‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏ وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة، والثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏‏.‏ وقد سبق شرحه في باب حسن الخلق‏.‏

【76】

- باب كراهة قوله‏:‏ خبثت نفسي

عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يقولن أحدكم خبثت نفسي، ولكن ليقل‏:‏ لقست نفسي‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ قال العلماء معنى خبثت أي غثيت وهو معنى لقست ولكن كره لفظ الخبث

【77】

- باب كراهية تسمية العنب كَرْمًا

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏لا تسموا العنب الكَرْم، فإن الكَرْم المسلم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏‏(‏وهذا لفظ مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏فإنما الكرم قلب المؤمن‏"‏ وفي رواية للبخاري ومسلم‏:‏ ‏"‏يقولون الكرم، إنما الكرم قلب المؤمن‏"‏‏.‏ وعن وائل بن حجر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا تقولوا‏:‏ الكَرْم، ولكن قولوا‏:‏ العنب، والحَبَْلة‏"‏ رواه مسلم الحبلة بفتح الحاء والباء ويقال أيضا بإسكان الباء

【78】

- باب النهي عن وصف محاسن المرأة لرجل إلا أن يحتاج إلى ذلك لغرض شرعي كنكاحها ونحوه

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا تباشر المرأة المرأة، فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【79】

- باب كراهة قول الإنسان: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ»، بل يجزم بالطلب

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يقولن أحدكم‏:‏ اللهم اغفر لي إن شئت‏:‏ اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة، فإنه لا مكره له‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏‏(‏وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏ولكن ليعزم، وليعظم الرغبة، فإن الله تعالى، لا يتعاظمه شيء أعطاه‏"‏‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إذا دعا أحدكم، فليعزم المسألة، ولا يقولن‏:‏ اللهم إن شئت، فأعطني، فإنه لا مستكره له‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【80】

- باب كراهة قول‏:‏ ما شاء الله وشاء فلان

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا تقولوا‏:‏ ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا‏:‏ ما شاء الله، ثم شاء فلان‏"‏‏.‏ رواه أبو داود بإسناد صحيح

【81】

- باب كراهة الحديث بعد العشاء الآخرة

عن أبي برزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العشاء في آخر حياته، فلما سلم، قال‏:‏ ‏ "‏أرأيتكم ليلتكم هذه‏؟‏ فإن على رأس مائة سنة لا يبقي ممن هو على ظهر الأرض اليوم أحد‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه أنهم انتظروا النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءهم قريبًا من شطر الليل فصلى بهم، يعني العشاء، قال‏:‏ ثم خطبنا فقال‏:‏ ‏ "‏ألا إن الناس قد صلوا‏.‏ ثم رقدوا، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【82】

- باب تحريم امتناع المرأة من فراش زوجها إذا دعاها ولم يكن لها عذر شرعي

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ‏ وفي رواية‏:‏ حتى‏:‏ ‏ ‏ترجع‏‏‏.‏

【83】

- باب تحريم صوم المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【84】

- باب تحريم رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار‏!‏ أو يجعل الله صورته صورة حمار‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【85】

- باب كراهة وضع اليد على الخاصرة في الصلاة

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ نهى عن الخصر في الصلاة‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【86】

- باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام ونفسه تتوق إليه أو مع مدافعة الأخبثين‏:‏ وهما البول والغائط

عن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ". ((رواه مسلم‏)) ‏

【87】

باب النهي عن رفع البَصَر إِلَى السماء في الصلاة

عن أنس بن مالك قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ : « مَا بَالُ أقْوامٍ يَرْفَعُونَ أبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ في صَلاَتِهِمْ » ! فَاشْتَدَّ قَولُهُ في ذَلِكَ حَتَّى قَالَ : « لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ ، أَوْ لَتُخطفَنَّ أَبْصَارُهُمْ » ! . رواه البخاري

【88】

- باب كراهة الالتفات في الصلاة لغير عذر

عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال‏:‏ ‏ "‏هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لابد، ففي التطوع لا في الفريضة‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‏)‏‏)‏‏.‏

【89】

- باب النهي عن الصلاة إلى القبور

عن أبي مرثد كناز بن الحصين رضي الله عنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【90】

- باب تحريم المرور بين يدي المصلي

عن أبي الجهيم عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لو يعلم المار بين المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه‏"‏ ‏(‏‏(‏قال الراوي‏:‏ لا أدري قال أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين سنة‏)‏‏)‏‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【91】

- باب كراهة شروع المأموم في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة سواء كانت النافلة سنة تلك الصلاة أو غيرها

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【92】

- باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أو ليلته بصلاة من بين الليالي

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏ "‏لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن محمد بن عباد قال‏:‏ سألت جابرًا رضي الله عنه‏:‏ أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة‏؟‏ قال‏:‏ نعم ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أم المؤمنين جويرة بنت الحارس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة، فقال‏:‏ ‏"‏ أصمت أمس‏؟‏‏"‏ قالت‏:‏ لا، قال‏:‏ ‏"‏ تريدين أن تصومي غدا ‏"‏ قالت‏:‏ لا، قال ‏:‏ ‏"‏فأفطري‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏

【93】

- باب تحريم الوصال في الصوم وهو أن يصوم يومين أو أكثر، ولا يأكل ولا يشرب بينهما

عن أبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال‏.‏ قالوا ‏:‏إنك تواصل‏؟‏ قال‏:‏ ‏ "‏إني لست مثلكم، إني أُطعم وأُسقى‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ ، وهذا لفظ البخاري‏.‏

【94】

- باب تحريم الجلوس على قبر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏ "‏ لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص على جلده خير له من أن يجلس على قبر‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏

【95】

- باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه

عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏

【96】

- باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده

عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال ‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏ "‏أيما عبد أبق، فقد برئت منه الذمة ‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏ وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏إذا أبق العبد، لم تقبل له صلاة ‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏ ‏.‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏فقد كفر ‏"‏ ‏.‏

【97】

- باب تحريم الشفاعة في الحدود

وعن عائشة رضي الله عنها، أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا‏:‏ من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏؟‏ فقالوا‏:‏ ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏، فكلمه أسامة فقال صلى الله عليه وسلم ‏:‏“أتشفع في حد من حدود الله تعالى‏؟‏ “ثم قام فاختطب، ثم قال‏:‏ “إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فقال‏:‏ ‏"‏أتشفع في حد من حدود الله‏؟‏‏"‏ قال أسامة‏:‏ استغفر لي يا رسول الله قال‏:‏ ثم أمر بتلك المرأة فقطعت يدها‏.‏

【98】

- باب النهي عن التغوط في طريق الناس وظلهم وموارد الماء ونحوها

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “اتقوا اللاعنين” قالوا‏:‏ وما اللاعنان‏؟‏ قال‏:‏ ‏ "‏الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【99】

- باب النهي عن البول ونحوه في الماء الراكد

عن جابر رضي الله عنه ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد‏.‏‏ رواه مسلم‏

【100】

- باب كراهة تفضيل الوالد بعض أولاده على بعض في الهبة

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أبًا له أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏أكل ولدك نحلته مثل هذا‏؟‏‏"‏ فقال‏:‏ لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرجعه‏"‏‏.‏ وفي رواية‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏أفعلت هذا بولدك كلهم‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ ‏"‏اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم‏"‏ فرجع أبي، فرد تلك الصدقة‏.‏ وفي رواية‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “يا بشير ألك ولد سوى هذا‏؟‏” قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ “أكلهم وهبت له مثل هذا‏؟‏‏"‏ قال‏:‏ لا، قال‏:‏ ‏"‏فلا تشهدني إذًا فإني لا أشهد على جور‏"‏ وفي رواية ‏"‏لا تشهدني على جور‏"‏ وفي رواية‏:‏ ‏"‏أشهد على هذا غيري‏"‏ ثم قال‏:‏ ‏"‏أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء‏؟‏‏"‏ قال‏"‏ بلى، قال‏:‏ ‏"‏فلا إذًا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【101】

- باب تحريم إحداد المرأة على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوج أربعة أشهر وعشرة أيام

عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنهما قالت‏:‏ دخلت على أم حبيبة رضي الله عنه زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه، فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية، ثم مست بعارضيها‏.‏ ثم قالت‏:‏ والله مالي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر‏:‏ ‏ "‏لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا‏"‏ قالت زينب‏:‏ ثم دخلت على زينب بنت جحش رضي الله عنها حين توفي أخوها، فدعت بطيب، فمست منه، ثم قالت‏:‏ أما والله مالي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر‏:‏ “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا” ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【102】

- باب تحريم بيع الحاضر للبادي وتلقي الركبان والبيع على بيع أخيه والخطبة على خطبته إلا أن يأذن أو يرد

عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد وإن كان أخاه لأبيه وأمه‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏”لا تتلقوا السلع حتى يهبط بها إلى الأسواق‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “لا تتلقوا الركبان، ولا يبع حاضر لباد‏"‏ فقال له طاوس‏:‏ ما قوله‏:‏ لا بيع حاضر لباد‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون له سمسارًا‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها‏.‏ وفي رواية قال‏:‏ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلقي وأن يبتاع المهاجر للأعرابي، وأن تشترط المرأة طلاق أختها، وأن يستام الرجل على سوم أخيه، ونهى عن النجش والتصرية‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه، وهذا لفظ مسلم‏)‏‏)‏ وعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏المؤمن أخو المؤمن، فلا يحل لمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【103】

- باب النهي عن إضاعة المال في غير وجوهه التي أذن الشرع فيها

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثًا‏:‏ فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، ويكره لكم‏:‏ قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم، وتقدم شرحه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن وراد كاتب المغيرة شعبة قال‏:‏ أملى على المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول في دبر كل صلاة مكتوبة‏:‏ ‏"‏لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد‏"‏ وكتب إليه أنه ‏"‏كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات” ‏(‏‏(‏متفق عليه وسبق شرحه‏)‏‏)‏‏.‏

【104】

- باب النهي عن الإشارة إلى مسلم بسلاح ونحوه سواء كان جادًا أو مازحًا، والنهي عن تعاطي السيف مسلولا

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “لا يُشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية لمسلم قال‏:‏ قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه، حتى ينزع وإن كان أخاه لأبيه وأمه‏"‏‏.‏ قوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ينزِع‏"‏ ضبط بالعين المهملة مع كسر الزاي، وبالغين المعجمة مع فتحها، ومعناهما متقارب، ومعناه بالمهملة يرمي، وبالمعجمة أيضًا يرمي ويفسد، وأصل النزع الطعن والفساد‏.‏ وعن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ ‏ "‏نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعاطى السيف مسلولا‏"‏‏.‏‏(‏‏(‏رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن‏)‏‏)‏

【105】

- باب كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة

عن أبي الشعثاء قال‏:‏ كنا قعودًا مع أبي هريرة رضي الله عنه في المسجد فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي، فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة‏:‏ أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ‏(‏‏(‏‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【106】

- باب كراهة رد الريحان لغير عذر

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ “من عرض عليه ريحان، فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب” ‏(‏‏(‏رواه البخاري‏)‏‏)‏‏.‏

【107】

- باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب ونحوه، وجوازه لمن أمن ذلك في حقه

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يُثني على رجل ويُطريه في المدحة، فقال‏:‏ ‏"‏أهلكتم، أو قطعتم ظهر الرجل‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ (23).‏ وعن أبي بكر رضي الله عنه أن رجلا ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأثنى عليه رجل خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏ويحك‏!‏ قطعت عنق صاحبك‏"‏ يقوله مرارًا ‏"‏وإن كان أحدكم مادحًا لا محالة، فليقل‏:‏ أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك وحسيبه الله، ولا يزكي على الله أحدًا‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن همام بن الحارث، عن المقداد، رضي الله عنه أم رجلا جعل يمدح عثمان رضي الله عنه ، فعمد المقداد، فجثا على ركبتيه، فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال له عثمان‏:‏ ما شأنك‏؟‏ فقال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “إذا رأيتم المادحين، فاحثوا في وجوههم التراب‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏ فهذه الأحاديث في النهي، وجاء في الإباحة أحاديث كثيرة صحيحة‏.‏ قال العلماء‏:‏ وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال‏:‏ إن كان الممدوح عنده كمال إيمان ويقين، ورياضة نفس، ومعرفة تامة بحيث لا يفتن، ولا يغتر بذلك، ولا تلعب به نفسه، فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شيء من هذه الأمور، كره مدحه في وجهه كراهة شديدة، وعلى هذا التفصيل تنزل الأحاديث المختلفة في ذلك‏.‏ ومما جاء في الإباحة قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه‏:‏ “أرجو أن تكون منهم‏"‏ أي من الذين يُدعون من جميع أبواب الجنة لدخولها، وفي الحديث الآخر‏:‏ ‏"‏لست منهم‏"‏ أي‏:‏ لست من الذين يُسبلون أُزرهم خيلاء‏.‏ وقال صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه‏:‏ “ما رآك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك” والأحاديث في الإباحة كثيرة، وقد ذكرت جملة من أطرافها في كتاب‏:‏ ‏"‏الأذكار‏"‏‏.‏

【108】

باب كراهة الخروج من بلد وقع فيها الوباء فرارًا منه وكراهة القدوم عليه

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد -أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه- فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، قال بن عباس‏:‏ فقال عمر‏:‏ ادع لي المهاجرين الأولين، فدعوتهم، فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم‏:‏ خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء‏.‏ فقال‏:‏ ارتفعوا عني، ثم قال‏:‏ ادع لي الأنصار، فدعوتهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال‏:‏ ارتفعوا عني، ثم قال‏:‏ ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف عليه منهم رجلان، فقالوا‏:‏ نرى أن ترجع بالناس، ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر رضي الله عنه في الناس‏:‏ إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه فقال أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ‏:‏ أفرار من قدر الله‏؟‏ فقال عمر رضي الله عنه ‏:‏ لو غيرك قالها يا أبا عبيدة‏!‏ -وكان عمر يكره خلافه- نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل، فهبطت وادياً له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله‏؟‏ قال‏:‏ فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، وكان متغيباً في بعض حاجته، فقال‏:‏ إن عندي من هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ “إذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه‏"‏ فحمد الله تعالى عمر رضي الله عنه وانصرف‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ والعدوة‏:‏ جانب الوادي‏‏‏.‏ وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إذا سمعتم الطاعون بأرض، فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض، وأنتم فيها، فلا تخرجوا منها‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【109】

- باب التغليظ في تحريم السحر

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “أجتنبوا السبع الموبقات” قالوا‏:‏ يا رسول الله وما هن‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات” ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【110】

- باب النهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار إذا خيف وقوعه بأيدي العدو

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ ‏ "‏نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【111】

- باب تحريم استعمال إناء الذهب وإناء الفضة في الأكل والشرب والطهارة وسائر وجوه الاستعمال

عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ ‏"‏أن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب‏"‏ وعن حذيفة رضي الله عنه، قال‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير، والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة، وقال‏:‏ ‏"‏هن لهم في الدنيا وهم لكم في الاخرة‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وفي رواية في الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه، قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها‏"‏‏.‏ وعن أنس بن سيرين قال‏:‏ كنت مع أنس بن مالك رضي الله عنه عند نفر من المجوس، فجيء بفالوذج على إناء من فضة، فلم يأكله، فقيل له‏:‏ حوله، فحوله على إناء من خلنج، وجيء به فأكله‏.‏ ‏(‏‏(‏رواه البيهقي بإسناد حسن‏)‏‏)‏‏.الخلنج الجفنة ‏

【112】

- باب تحريم لبس الرجل ثوباً مزعفراً

عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل‏.‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال‏:‏ رأى النبي صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال‏:‏ ‏"‏أمك أمرتك بهذا‏؟‏‏"‏ قلت‏:‏ أغسلهما‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏بل احرقهما‏"‏‏.‏ وفي رواية فقال‏:‏ ‏"‏إن هذا من ثياب الكفار فلا تلبسها‏"‏ ‏(‏‏(‏رواه مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【113】

- باب النهي عن صمت يوم إلى الليل

عن عليّ رضي الله عنه قال‏:‏ حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏ "‏لا يتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل‏"‏‏.‏ قال الخطابي في تفسير هذا الحديث‏:‏ كان من نسك الجاهلية الصمات، فنهوا في الإسلام عن ذلك، وأمروا بالذكر والحديث بالخير‏.‏ وعن قيس بن أبي حازم قال‏:‏ دخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على امرأة من أحمس يقال لها‏:‏ زينب، فرأها لا تتكلم‏.‏ فقال‏:‏ ما لها لا تتكلم‏؟‏ فقالوا‏:‏ حجت مصمته، فقال لها‏:‏ تكلمي فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية‏!‏ فتكلمت‏.‏ رواه البخاري

【114】

- باب تحريم انتساب الإنسان إلى غير أبيه وتوليه إلى غير مواليه

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏لا ترغبوا عن آبائكم، فمن رغب عن أبيه، فهو كافر‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ وعن يزيد بن شريك بن طارق قال‏:‏ رأيت عليا رضي الله عنه على المنبر يخطب، فسمعته يقول‏:‏ لا والله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله، وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل، وأشياء من الجراحات، وفيها‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏"‏المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً، أو آوى محدثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً، ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلماً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً، ومن ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏ "ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ"أيْ: عَهْدُهُمْ وأمانتُهُم."وَأخْفَرَهُ": نَقَضَ عَهْدَهُ."والصَّرفُ": التَّوْبَةُ، وَقِيلَ: الحِيلَةُ."وَالْعَدْلُ": الفِدَاءُ. وعن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ “ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى ما ليس له، فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعا رجلاً بالكفر، أو قال‏:‏ عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه” ‏(‏‏(‏متفق عليه وهذا لفظ رواية مسلم‏)‏‏)‏‏.‏

【115】

- باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله عزوجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم عنه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏ "‏إن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏

【116】

- باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهياً عنه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ “من حلف فقال في حلفه‏:‏ باللات والعزى، فليقل‏:‏ لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه‏:‏ تعالى أقامرك فليتصدق‏"‏ ‏(‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏)‏‏.‏